بن شماش يطالب من مراكش إلى إعداد ميثاق برلماني لمكافحة التطرّف العنيف والتعصب ..

0

صوت الأحرار – متابعة


أكد رئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماش، اليوم الجمعة بمدينة مراكش، أن نجاح أي خطة وطنية لمكافحة التطرف العنيف لن يستقيم إلا بإدماج المستويات الأمنية والروحية والتربوية والاجتماعية في مواجهة ظاهرة التطرف العنيف والتعصب.

ودعا بن شماش، في افتتاح الدورة الخريفية الثامنة عشرة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي يحتضنها مجلس المستشارين على مدى ثلاثة أيام(4،5،6 أكتوبر2019)، إلى التعجيل في إعداد ميثاق برلماني حول دور ومسؤوليات البرلمانات في مكافحة التطرف العنيف، كوثيقة مرجعية مؤطرة لعملنا كبرلمانات وطنية بالمنطقة، خاصة في سياق تقوية دور التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية في مختلف المجالات.

ودعا في السياق ذاته، إلى ضرورة مكافحة كل أشكال التمييز والعدالة الاجتماعية والسياسات الهادفة إلى مكافحة الفقر وضمان إدماج الفئات الأكثر هشاشة وتعزيز التشريعات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، والوقاية من النزوعات الراديكالية في المؤسسات السجنية، ومكافحة خطاب الكراهية وحماية التنوع الثقافي، وضمان استفادة شعوب المنطقة من جيل جديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وشدد بن شماش على الحاجة الملحة لرصد وتتبع أنماط التجديد والتكييف والتغيرات التي تلجأ إليها التنظيمات الإرهابية باستمرار بما في ذلك الإرهاب الإلكتروني، وما يستلزمه من تحيين وتجديد في استراتيجيات وسياسات مكافحتها على كافة الجبهات.

وذكر بن شماش بأنه سبق لجلالة الملك محمد السادس أن أرسى رؤية وفلسفة المملكة المغربية بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف ومسؤولية المنتظم الدولي، حيث أكد جلالته في الخطاب السامي الذي وجهه للدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25 شتنبر 2016، على ” أن العالم اليوم في مفترق الطرق. فإما أن يقوم المجتمع الدولي بدعم الدول النامية، لتحقيق تقدمها، وضمان الأمن والاستقرار، بمناطقها، وإما أننا سنتحمل جميعا، عواقب تزايد نزوعات التطرف والعنف والإرهاب، التي يغذيها الشعور بالظلم والإقصاء، والتي لن يسلم منها أي مكان في العالم.

إلى ذلك، شدد رئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماش، على الدور الحاسم للبرلمانات في التصدي لمخاطر الإرهاب، داعيا إلى وضع التعاون الثنائي والإقليمي في صدارة أولويات المؤسسات التشريعية لتحقيق الفعالية المطلوبة في محاربة الإرهاب.

وأكد بنشماس، أهمية المقاربة الاستباقية للمغرب في مجال الوقاية من التطرّف والإرهاب، من خلال إعادة هيكلة الحقل الديني، ومراجعة مناهج التربية الدينية، وتبني سياسة مرتكزة على قيم الاعتدال ووسطية الإسلام وتسامحه ودعوته الى السلم والسلام والعيش المشترك.

وقال بن شماش، إن مكافحة ظاهرة الإرهاب على المستوى الإقليمي، يشكل أحد أكبر التحديات التي “يتوجب علينا التعاون والتكامل من أجل رفعها باستحضار الأولويات والإطار المنهجي للسياسات الوطنية والإقليمية والشاملة لمكافحة الإرهاب كما وردت في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار الصادر بتاريخ 24 شتنبر2014.

وأضاف بن شماش، أن هذا التحدي “يستوجب منا كبرلمانات إيلاء الأولوية للتعاون الثنائي والإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب وإيجاد الإطار التشريعي الملائم لذلك، خاصة في ما يتعلق بالتعاون الأمني والقضائي وتبادل الخبرة والمعلومات والتجارب والعمل عبر إجابات تشريعية وسياسات عمومية فعالة، على الإدماج الاجتماعي للفئات الهشة الأكثر عرضة للتهميش والأكثر عرضة لمخاطر الانزلاق نحو التعصب والتطرف الديني”.

وذكر، في هذا الصدد، بسياسات التشغيل وضرورة تطوير عرض التعليم والتكوين و سياسات العدالة الاجتماعية بشكل عام وبرامج مكافحة خطاب الكراهية والعنصرية و التطرف، التي تعتبر مداخل أساسية للقضاء على الأسباب البنيوية المغذية للإرهاب.

وأوضح بن شماش، “أننا كبرلمانيات وبرلمانيين مغاربة مقتنعون، بالنظر لتجربتنا الوطنية، المعتمدة على مقاربة استباقية في مكافحة الإرهاب وبعد تقييم أولي لها منذ أكثر من عقد من الزمن، بأن المجهود المتظافر لسياسات إعادة هيكلة الحقل الديني التي يشرف عليها جلالة الملك شخصيا بصفته أميرا للمؤمنين، وتكريس الطابع المركزي لقيم الإسلام السمح، ومساعي الرعاية اللاحقة، والمراجعات الإرادية والتدريجية التي قام بها عدد من المحكومين سابقا في قضايا الإرهاب ، إضافة إلى مسلسل مراجعة مناهج التربية الدينية، تعتبر كلها مساعي يمكن في حالة قراءتها كجزء من إستراتيجية شمولية أن تعتبر عناصر مقاربة مغربية خاصة في مجال سياسات الوقاية من الإرهاب، مقاربة محصنة بضمانات دستورية و اتفاقية دولية متينة.

و كما أن الأمراض مهما تعددت مظاهرها، تتطلب سبل العلاج وتطوير الأبحاث الطبية، فإن مسؤوليتنا، بحسب بن شماش، تتطلب من الابتكار وتبادل الخبرات الشيء الكثير من أجل العمل على هزم ظاهرة الإرهاب التي تقض مضجع الدول والشعوب اليوم بلا استثناء.

وفي هذا الشأن، يضيف بن شماش، وبالإضافة إلى إيماننا بضرورة اليقظة الأمنية المستمرة وتبادل الخبرات في هذا المجال، فإننا مقتنعون بأن تحقيق انتصارات دالة وربما حاسمة على ظاهرة الإرهاب ممكنة شريطة اعتماد اختيارات ممنهجة تتوجه إلى الاسباب العميقة.

وتحدث بن شماش، في هذا الإطار، حول ضرورة مواجهة النزعات الانفصالية في إفريقيا والشرق الأوسط ودول جنوب شرق آسيا، ووقف كل مخططات التفتيت في هذه المناطق، وضرورة التوقف عن إذكاء النزاعات العرقية والأحقاد الطائفية والمذهبية والإثنية، والعمل على إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، والتقليص من الظروف المنتجة للفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية، إضافة إلى المعالجة الرصينة واليقِظة لقضية المقاتلين العائدين وعائلاتهم، ومعالجة القضايا الإنسانية المرتبطة بالجهاديين المعتقلين في السجون. كما يتعلق الأمر على وجه الخصوص ببناء دولة القانون والمؤسسات، ونشر ثقافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والعدل والمساواة، كضمانة حقيقية لمنع التطرف.

ودعا رئيس مجلس المستشارين إلى استحضار مدخلين أساسيين، في مجال مكافحة الإرهاب و التعاون الإقليمي المرتبط بمواجهة هذا الخطر الإقليمي والعالمي.

المدخل الأول يتعلق بالمرتكز الرابع للاستراتيجية الأممية المندمجة في مجال مكافحة الإرهاب، الذي ينص على ضرورة احترام وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.

أما المدخل الثاني، فيرتبط بـ “الأمن البشري” كما وضع في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 290-66 بتاريخ 10 سبتمبر 2012 وكذا قرارها رقم 291-64 بتاريخ 16 يوليوز 2010، و كما طورته التقارير المتعددة للأمين العام للأمم المتحدة بهذا الخصوص كإطار مفاهيمي مهيكل، لسياسات مكافحة الإرهاب مرتكزة على حقوق الإنسان، ولا سيما في ظل الطلب المتزايد علينا كمشرعين وكحكومات لسن واعتماد تشريعات مكافحة الإرهاب .

 

 

اترك رد